انشغل اللبنانيون في اليومين الأخيرين بالقرار الصادر عن رئاسة الجمهورية بتعيين السفير السابق سيمون كرم على رأس الوفد اللبناني في لجنة “الميكانيزم”، وهي خطوة اعتبرها كثيرون من أوائل نتائج زيارة قداسة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان. وبين الترحيب والاعتراض، انقسم الداخل السياسي حول خلفيات هذا التعيين وانعكاساته على مستقبل الوضع الأمني.
*خطوة تبريد أم شرارة خلاف؟
في وقت كان اللبنانيون يعيشون هاجس حرب مدمّرة فور مغادرة البابا، جاء قرار التعيين ليساهم – وفق مقربين من دوائر القرار – في “تبريد الجبهات”، خصوصاً أنه نتيجة توافق الرؤساء الثلاثة: رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، رئيس الحكومة نواف سلام، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، الذي رأى أن المهمة أهم من الاسم، وأن إدخال شخصية مدنية إلى اللجنة هو طرح قديم لديه ضمن سياق تقني بحت.
*سيمون كرم… سيرة سياسية مثقلة بالمواجهات
السفير كرم ليس اسماً عادياً. فقد شغل منصب محافظ البقاع وصطدم بسطوة غازي كنعان خلال حقبة الوصاية السورية. ثم انتقل سفيراً للبنان في واشنطن حيث واجه محاولات الإملاء السورية من قبل السفير السوري وليد المعلم، ما دفعه إلى الاستقالة احتجاجاً.
كرم كان أيضاً من مؤسسي لقاء قرنة شهوان عام 2000، وساهم في مصالحة الجبل 2001، ثم انخرط في حركة 14 آذار 2005. وفي المقابل، عاد اسمه للواجهة بعد تداول فيديو لقاء جمعه عام 1997 بقائد جيش لبنان الجنوبي أنطوان لحد، حيث أكّد كرم يومها أنّ اللقاء جاء من دون موعد مسبق وأنه رفض نقل طلبات لحد إلى الدولة لأنه لا يحمل صفة رسمية تخوّله ذلك.
(جريدة السفير، 19 آب 1997، العدد 7773)
*اعتراضات حادة… بين السياسة والاتهامات
الاعتراض على تعيينه جاء من جبهات عدّة، أبرزها الاتهام بأنه “غير ملائم” لكونه – وفق معارضيه – مناهضاً للمقاومة ويحظى بـ”الرضى الأميركي”. البعض رأى في القرار مقدمة لمفاوضات سلام مع إسرائيل، خصوصاً بعد تصريح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بأن “اللقاء مع مسؤولين لبنانيين محاولة أولى لترسيخ علاقات اقتصادية”.
هذا الكلام دفع رئيس الحكومة نواف سلام للتأكيد أن لبنان ليس بصدد مفاوضات سلام أو تطبيع، وأن نتنياهو “ذهب بعيداً” في توصيف خطوة ضم دبلوماسي مدني إلى اللجنة.
*الموقف الأشدّ: حزب الله يدخل على الخط
الانتقاد الأبرز جاء على لسان الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، الذي وصف المشاركة المدنية في لجنة “الميكانيزم” بأنها “سقطة إضافية” للحكومة وتنازل لإسرائيل. وأشار إلى أنّ الاعتداءات الإسرائيلية ليست بسبب سلاح حزب الله، بل بهدف التأسيس لاحتلال تدريجي للبنان ورسم ملامح “إسرائيل الكبرى” من بوابة الجنوب.
*وفي المقابل… تأييد واسع من قوى سيادية
على الجهة الأخرى، رحّب المؤيدون بالخطوة، معتبرينها تسير في الاتجاه الصحيح.
– سامي الجميل رأى أنها فرصة لتعزيز سيادة الدولة.
– فارس سعيد كتب أن “هذه الخطوة تؤكد أنه لا بديل عن الدولة إلا الدولة”.
– وليد جنبلاط وصف اختيار كرم بأنه “نقلة نوعية” في أخطر مرحلة يمرّ بها لبنان، مؤكداً دعمه لكرم خلال لقائهما في كليمنصو.
*هل يمنع هذا التعيين الحرب؟
يبقى السؤال الأساس:
هل يكفي تعيين سيمون كرم لتجنيب لبنان حرباً إسرائيلية جديدة؟
حتى الآن، لا مؤشرات حاسمة. إسرائيل تواصل اعتداءاتها اليومية، والملف الجنوبي يتجه نحو المزيد من التعقيد. لكنّ الأكيد أن هذا التعيين شكّل محاولة لبنانية لإدارة الأزمة بدلاً من ترك الأمور تتدهور نحو مواجهة مفتوحة.
وفي بلد يعيش على وقع التوازنات الدقيقة، قد يكون القرار خطوة تهدئة… أو بداية مرحلة جديدة من المواجهة السياسية.
-الرئيسية- 6/12/2025
تعيين سيمون كرم… هل يجنّب لبنان الحرب؟
2025-12-06 08:20
شذا محمود
65 مشاهدة
1 دقائق قراءة
صورة رئيسية
لمتابعة المزيد من الأخبار يمكنكم الاشتراك بقناتنا على الواتساب: Whatsapp Channel
يوتيوب: youtube.com/4
تلغرام: Telegram
شارك المقال
الرئيسية
الرئيسية
أخبار