عالم رقمي يسرق الطفولة.. ويعيد تشكيل الأجيال

2025-12-03 08:57
مريم سلامة
128 مشاهدة
1 دقائق قراءة
عالم رقمي يسرق الطفولة.. ويعيد تشكيل الأجيال
صورة رئيسية
في زمنٍ تكتسحه الشاشات وتتمدّد فيه المساحات الافتراضية حتى تطوّق تفاصيل الحياة، لم يعد الطفل يعيش طفولته كما عرفتها الأجيال السابقة. صار يقف على خط رفيع بين الواقع والخيال، يتعلّم من شاشة أكثر مما يتعلّم من أشخاص، وينغمس في عوالم رقمية تملك قدرة هائلة على تشكيل وعيه وسلوكه دون أن يشعر.

فكل لعبة إلكترونية، كل مقطع قصير، وكل “ترند” عابر بات أداةً قوية تعيد رسم ملامح إدراكه. الطفل يشاهد قبل أن يتعلّم، يقلّد قبل أن يفهم، ويندفع قبل أن يميّز. لا يدرك أنّ العنف الملوّن على الشاشة ليس واقعًا، ولا يفرّق بين تحدٍّ خطير وآخر بريء. كم من مقطع شاهده ضاحكًا على “تيكتوك”، وكرّره باكيًا حين جرّبه على أرض الواقع!

المحتوى الرقمي اليوم مُتقن الصنع، سريع الإيقاع، ومصمَّم لسرقة الانتباه. يغرق الطفل في دوّامة لا يعرف متى بدأت ولا كيف يخرج منها، فيجد نفسه يتصرّف بطريقة غريبة عنه، متأثرًا بما يتسلّل إلى عقله في ثوانٍ معدودة.

هذا العالم الافتراضي لا يسرق براءته فحسب، بل يتسلل إلى أعماقه. يترك على نفسيته ظلالًا من القلق والعصبية والانطواء وسرعة الانفعال، ويؤثر على جسده بضعف النظر، السمنة، قلّة الحركة، واضطرابات النوم. يصبح أسيرًا لضوء الشاشة بدل حضنٍ دافئ أو نصيحةٍ صادقة.

*المراقبة ليست تقييدًا… بل إنقاذ للطفولة

الحل ليس المنع التام، بل المراقبة الواعية. المراقبة هنا ليست شكًّا بالطفل بل حماية له. شارك طفلك عالمه الرقمي بدل أن تتركه يواجهه وحده. اسأله عمّا يشاهده، استمع لأفكاره، وحدّد له وقتًا واضحًا ومتوازنًا أمام الشاشة بعد معرفة مضمون ما يتابعه. وافتح أمامه أبوابًا أوسع للمتعة: الرياضة، الرسم، اللعب الجماعي، والأنشطة العائلية، كي يبقى مرتبطًا بواقعه لا غارقًا في عالم افتراضي فُرض علينا جميعًا.

*مسؤولية مشتركة… وليست عائلية فقط

حماية الطفل ليست مهمة الأسرة وحدها. فالمجتمع والمدارس شريكان أساسيان في تعزيز وعيه. تعليم التفكير النقدي، القدرة على طرح الأسئلة، وتمييز الحقيقة من الخيال، ليست ترفًا بل ضرورة لبناء جيل قادر على مواجهة عصر متسارع لا يرحم.

*جيل يحتاج من يدلّه على الطريق

الطفل ليس مجرّد متلقٍّ للمحتوى؛ هو روح نقية تحتاج من يعرّفها معدن الأشياء. ما يراه اليوم سيصنع ما يكون عليه غدًا. لذلك، مستقبل أطفالنا الرقمي بين أيدينا:
راقبوهم بلا قمع، افهموهم بلا خوف، ووجّهوهم بلا ضغط… لنصنع جيلًا واعيًا، يفرّق بين الحقيقة والزيف، وبين المتعة الآمنة والخطر المتخفي خلف الشاشة.

لمتابعة المزيد من الأخبار يمكنكم الاشتراك بقناتنا على الواتساب: Whatsapp Channel

يوتيوب: youtube.com/4

تلغرام: Telegram

شارك المقال

منوعات الرئيسية أخبار

اترك تعليقك

التعليقات

ل
ليال
2025-12-03 15:57

مقال هادف و يعبر عن واقع ز مشكلة في هذا الوقت، شكرا فاطمة و الى مزيد من المقالات الهادفة و الجميلة

ف
فاطمة
2025-12-03 11:40

المتألقة دوماً… صديقتي الجامعية منذ اليوم الاول… الى المزيد من المقابرة عزيزتي فلا يليق بك سوى السطوع ❤️❤️